"التوحيد للخالق أساس
للحركة المجتمعية"
أن التنظير الفكري و تقديم الجديد المتوافق مع
العصر في السياسة و الاقتصاد و التربية , هو أمر مطلوب القيام به و تأديته بواسطة
المتدينين الحركيين , كنوع من أنواع المقاومة المشروعة , لتلك الهجمة العالمية
الكونية التي تعادي ما هو فكر و ما هو مبدأ في الواقع المعاصر , تلك الهجمة التي
أعتاد الناس و المفكرين أن يطلقوا عليها أسم العولمة , و هو أسم مترجم من المصطلح
الغربي , التي تم تقديمه ألينا من خلال المنظرين الغربيين في مراكز الأبحاث
الدولية.
أن العولمة هي مسمي لطيف للاستكبار الجديد في
العالم , هذا الاستكبار القديم الجديد , الذي غير أسمه و تسميته من خلال المفكرين
و المنظرين الموجودين ضمن الدوائر الدولية لمراكز الأبحاث الإستراتيجية.
أن العولمة: هي الاسم الجديد للاستكبار الجديد
القديم , الساعي إلي نشر نزعة الاستهلاك السلعي و المادية في المجتمعات المستضعفة
علي امتداد الكون ....كل الكون , و حتي المجتمعات الغربية.
قلنا في أكثر من موقع:
أن الإسلام يمثل حالة كونية لما يمثله من شمول
عقائدي في جوانب السياسة و الاجتماع و التربية و الاقتصاد.
أن هذا الشمول لمختلف جوانب الحياة , للإسلام
كبنيان عقائدي هو أحد مزايا و مميزات الإسلام , أن هذا البنيان العقائدي الشمولي ,
الذي تكامل علي مدي التأريخ البشري بدأ بآدم أبو البشر , مرورا بإبراهيم الخليل , إلي
وقتنا الحالي , يجب أن يكون لدي هذا البنيان العقائدي و هو الإسلام , يجب أن يكون
لديه المنطلق و لَبنة البداية الصانعة لهذا الشمول و لذلك التكامل المستمر علي مدي
التأريخ.
فم هو هذا المنطلق؟
و من هي تلك الَلبنة الأساسية؟
اللتان نبدأ بهما صناعة الشمولية و ذلك التكامل
المستمر في هذا الدين؟
أن الانطلاق في أية حركة فكرية شمولية , يجب أن
يتم علي أساس معرفة العامل الأساس في تلك الحركة الفكرية الشمولية , و الدين بما
أنه فكر و مبادئ , فأننا نحتاج ألي معرفة الأساس المؤسس لهذا الدين.
في حالة الدين الإسلامي , يكون الله و التوحيد
فيه , كاله وحيد لا شريك له , هو العامل الأساس و الوحدة البنائية الأولية , التي
ننطلق منها لفهم الدين و بقية البناء الفكري للدين نفسه من تربية و سياسة و اجتماع
و اقتصاد...الخ.
و ليس التوحيد كأساس للبناء الفكري الإسلامي فقط
, بل أن التوحيد في الإسلام يتحرك ليشمل الجانب التطبيقي التنفيذي لهذا التوحيد
النظري علي أرض الواقع , فالنظرية الإسلامية المؤَسََسة علي التوحيد , يجب عليها
أن تكون في خط التطبيق مرتبطة بالخالق الواحد أيضا , لكي يتم أعطاء الفكر التوحيدي
الإسلامي قيمة و مصداقية , و لكي لا يكون هذا الفكر التوحيدي سابحا في الخيال وفي
عالم الأحلام الوردية, حيث تتناقض و تتعارض النظرية مع الواقع علي الأرض , فيصبح
الكلام إنشائي لا قيمة له , للعجز عن التنفيذ.
.
فما معني التوحيد النظري و الإنسان يعبد مع الله
(علي سبيل المثال لا الحصر)ألها اقتصاديا أخر يدين له بالولاء و التبعية , أو أن
يعيش حالة من الانهزام لحالة ضاغطة عليه من نواحي مجتمعية , حيث يرفض المجتمع
البشري الفكر الديني , لعدم توافقه مع العادات و التقاليد الاجتماعية .....الخ من الأمور
التي نستطيع سردها و ذكرها فيما يخص هذه المسألة عن التوحيد الإلهي.
و لذلك نقول:
أن كلام عن التوحيد و ألاساس الذي ننطلق منه
لفهم الدين , وكلام نذكره و نقوله و نكتبه , ليس من باب التنظير الفكري الخيالي
الحالم , البعيد عن الحياة الحقيقية علي أرض الواقع , بل أننا نذكر التوحيد و الأساس
و المنطلق البنائي للدين الإسلامي, من باب الواقعية الحقيقية و التناغم و الانسجام
بين النظرية و التطبيق.
فمن دون التوحيد في حياتنا , و من دون الله ,
سوف نفقد الجانب الروحي , هذا الجانب الذي يعطينا الدافع و المنبع المعنوي للأخلاق
و الضمير و الإيمان.
فليس هناك منطقية لأي ضمير أو أخلاق و أي أيمان,
من دون التوحيد الإلهي بخالق واحد في هذا الكون.
أن الأخلاق و الضمير و الإيمان, يصبحون حالات و
أشياء لا منطقية, و أشياء ليس لها معني أو وزن, في ظل غياب التوحيد الإلهي الحقيقي
الواقعي.
فما هو معني لوجود أي أخلاق و أخلاقيات و ضمير
في المجتمعات التي نعيش فيها ؟؟؟؟!
في غياب عالم أخر نتجه أليه بعد الموت, و في
وجود حساب و محاسبة علي ما قمنا به في هذه الدنيا الدنيوية.
أذن نستخلص من العبارات السابقة الفكرة التالية:
أن التوحيد هو أساس , ننطلق منه ألي الإيمان
بأشياء أخري, منها عالم المعاد و يوم القيامة و عالم الآخرة , حيث الحساب و العقاب
و المكافأة الإلهية , علي ما قمنا به , في هذا العالم الدنيوي , حيث وضعنا الله ,
لسبب ما لا نعرفه؟؟ في موقع الخليفة له , في هذه الدنيا , عندما أستخلف الرب الإنسان
علي هذه الأرض , و علم جدنا ادم الأسماء كلها!؟
من غير التوحيد و المعاد الأخروي للإنسان في يوم
القيامة, تصبح الأخلاق بلا معني, و الضمير سذاجة غير مبررة, و الإيمان غير مطلوب
وجوده.
كل هذا يؤدي بالإنسان إلي حالة من الجوع الروحي
, و طغيان الجانب المادي المبني علي اللذة الحسية و نزعة الاستهلاك المتواصل , و
التنازع و المنافسة علي الماديات بطريقة شهوانية غير منظمة بقواعد و أصول , فيصبح
الهدف هو الحالة اللذائذية الحسية البهائمية فقط لا غير, ضمن تنافس َشبقي للحصول علي الماديات وحدها و ما
يستتبعها من أمور.
الدكتور عادل رضا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق