الخميس، 2 أكتوبر 2014

"الحرب علي داعش محاولة لفهم لحظة جنون!"

"الحرب على داعش محاولة لفهم لحظة جنون!"

في ظل الأجواء التحشيد الإعلامي والصوت العالي نحاول ان نقرأ ما بين السطور لكي نحاول ان نفهم ما يجري من حولنا وخاصة ان العالم يتقاتل بمعركة طحن للعظم على ارض سوريا والكل لديه مشروعه والكل لديه أجندته ورغباته وأمنياته لأنها معركة بناء خارطة جديدة للعالم وتقاسم النفوذ السياسي والاقتصادي، فماذا يحدث وماذا يجري؟

لدي المراقب الساعي لفك التشابك وتفكيك الاحداث أكثر من مصدر للمعرفة، منها ما هو مصدر أعلامي وايضا ما هو مصدر استخباراتي لمن لديه مصادره الخاصة او لمن لديه ارتباط.
فأين الحقيقة ما بين ما هو ترويج أعلامي وما هو حركة استخبارات دولية؟
هناك أكثر من خط لأيجاد الحقيقة في الأوضاع السياسية:
        1) ما تنشره وسائل الاعلام وفيها بعض المعلومات المخلوطة بجرعات الدعاية والبروباغندا لمن يدفع تكاليف التشغيل لتلك وسائل الاعلام الممتدة من فضائيات وصحف ورقية والكترونية وشخصيات ردحية للأيجار.
        2) ما يحدث بين أجهزة الاستخبارات من تعاون وكلام ولقاءات وأحاديث وترتيبات حيث لا مبدأ يحكم ولا خطوط حمر حيث يتحدث الكل مع الكل ويتحارب الكل مع الكل ويتجسس الكل على الكل، وهذا عالم خفي عميق وخطر ومليء بالسرية والغموض والخفاء ومن الصعب الحصول على أسراره الا من مصادر مرتبطة بتلك الأجهزة أو من خلال قوانين كشف السرية المعتمدة بالغرب او من خلال ما بعد اسقاط الأنظمة بالشرق، واما بواسطة "ويكيليكس"!؟
         3) الحركة الواقعية التنفيذية علي ارض الواقع لهذا الطرف أو ذاك تكشف حقيقة رغبات الأطراف الدولية المتعددة والمختلفة.
          4) معرفة التمويل "ومن يمول من" ماديا وأيضا معرفة العلاقات الجانبية لأجهزة الاعلام والشخصيات وأيضا الدول.

من خلال قراءة كل هذه يجاول المراقب المخلص الذي يريد معرفة ما وراء اللعبة قراءة الحدث ومعرفة الحقيقة.

حاليا العالم يتحرك ضمن بين زاويتين او اتجاهين او نقطتين !؟ فيما يختص بالحرب العسكرية المعلنة على "داعش"

فهل ما يحدث لحظة جنون لا يعرف من أطلقها لها سبب ومنطق؟ فمن ركب ويركب الاحداث الحالية بالمنطقة لا يستطيع صناعة واقع مقنع أي أنه "غباء" لحلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة يتحرك بلا معني لذلك تصبح هناك صعوبة بالفهم وبالتالي مهما حاولنا قراءة وتحليل لهذه "اللحظة المجنونة" فلن نجد لها حكمة ومنطق وسببية معلولة لأي سبب!، فكيف نشرح الجنون ولحظته؟ وهل من الممكن منطقة الجنون؟ لأن الجنون بطبيعته وذاتيته ليس له منطق ولا سبب ولا حكمة ولا رشد.
ام انها على العكس فالحرب ضد "داعش" هي خباثة شيطانية يقودها العالم الغربي ولها أسبابها ومبرراتها وميزانها الخاص بعقول من قرروا الحرب على "سرطان" هم من صنعوه واسسوه وغذوه وانضجوه وأطلقوه؟
فهم من ساهم بنمو السرطان الداعشي وهم الان من يضربه عسكريا؟!
أين خط الحقيقة بين الجنون والخباثة الشيطانية؟
هل حلف الناتو "مجنون" فهو لا يعرف ولا يفهم؟
أم أن نفس حلف الناتو لديه "الخباثة الشيطانية"؟
وما هي الأهداف الحقيقية المبطنة؟ وما هي الحركة الحقيقية علي ارض الواقع التي يريدها حلف الناتو؟
ام انها منتوج لخروج عن السيطرة جديد أخر على حلف الناتو مواجهته؟
فلنتحرك بالتفكير بالصوت العالي:
هناك أسئلة تحتاج الي إجابة:
عن القادم السرطاني "داعش" مرورا على طول محيط دائرة الارباك في المنطقة فماذا يجري؟
هل داعش منتوج لحلف الأطلسي ضمن حركته الاستخباراتية التأمرية على سوريا؟
أم ان داعش منتوج ذاتي التحرك والنمو ولا علاقة له بالخارج؟
هل ما يسمي داعش منظمة إرهابية استفادت ببراغماتية من تناقضات المنطقة ولعبت على كل ما تستطيع من حبال فبرزت نتيجة لتلك البراغماتية؟
ام انها تلك المنظمة جائت ضمن سياق عام ضمن تراكمات امتداد تنظيم وانتشار قبول لفكر وزيادة نفوذ وسيطرة عسكرية وأمنية لداعش؟
هل هذه الحرب تكرار لجنون التصرف لجورج بوش الابن ام انها منتوج شيطاني لخطط موضوعة مسبقا من مراكز الأبحاث؟
جنون جورج بوش الابن أدخل الولايات المتحدة الامريكية في عجز اقتصادي أدي بهم الي الانسحاب من العراق وأفغانستان، وهو نفس العجز المالي موجود الي يومنا هذا، فماذا تغير؟ ويضاف عليه تداعيات الازمة المالية العالمية المستمرة منذ العام 2008، والتي أدت بأدارة أوباما الي تخفيض النفقات العسكرية حاليا وبنفس وقت حربه ضد "داعش"، أذا هناك تناقض؟
وهذا المشكل الاقتصادي موجود بصورة أكبر في فرنسا وفي بريطانيا المفلستان العاجزتان عن الحرب ودفع فواتيرها والمتسارعتان حاليا للمشاركة في الحرب على داعش! فماذا هو الشيء الذي تغير ليتغير الموقف؟ فالإفلاس باقي ومستمر؟ والان لدينا حرب مزايدات إعلامية بإطالة الفترة الزمنية للحرب من دولة الي أخري حيث وصل المزاد! من ثلاثة سنوات الي عشرة سنوات! للقضاء على تنظيم، من يحاربه اليوم هم من أسهموا بصناعته فلماذا هذا التناقض؟ وما سببه؟
نحن نقول ان المسالة لها عدة ابعاد ومعطيات ونستطيع ان نشبه داعش بأخطبوط له عدة أذرع ماصة يمتص بهذه الاذرع ما ينميه ويغديه كسرطان يتحرك مرضيا بالمنطقة فالمسألة مع داعش متعددة الأسباب وليست بسبب واحد.
تاريخيا تعودنا من الغرب عموما على صناعة تنظيمات او حتى بناء أفكار معينة ومن ثم تخرج عن السيطرة، وليس فقط الامريكان فالكل يتذكر ما قيل عن انشاء طالبان كفكرة من المرحومة السيدة بنازير بوتو فحتي في الشرق لدينا سيناريوهات خروج عن السيطرة فمن لا يتذكر اغتيال      السيدة بنازير بوتو بواسطة الاستخبارات الباكستانية فعادت "طالبان" بعد زمن واغتالت نفس السيدة التي فكرت بأنشاء "طالبان" لمصلحة معينة للدولة الباكستانية في ذلك الوقت.
ونفس الامر مع تنظيم القاعدة الذي دربت عناصره وعلى رأس هذه العناصر أسامة بن لادن "المقاتل من أجل الحرية!" كما سمته مجلة التايم الامريكية، قبل خروج هذا التنظيم وقيادته عن السيطرة وضربه الامريكان بعقر دارهم، لذلك نقول:
 أن مسألة الخروج عن السيطرة بعد الانشاء أمر ليس جديد بل هو امر قديم متجدد.
أذن "داعش" كائن براغماتي أسهم الكثيرين في تضخيم حجمه والواضح ان داعش "سرطان" تربي ونمي وكبر نتيجة لعدة عوامل وأسباب ومنها استجلاب كل من هو إرهابي وتكفيري من مختلف بلدان العالم الي الواقع السوري وضمن هذا الاستجلاب والجلب الحاصل والجاري ضمن أعين ورقابة وترتيب وتنظيم "حلف الناتو" يجري أيضا الدفع المالي من خلال رواتب مجزية ما بين 600 دولار للتكفيري السوري! و1300 دولار للتكفيري الأجنبي!؟ اذن أيضا هناك خلق لدورة اقتصادية للتكفيريين!؟
أيضا ضمن الحالة الاقتصادية وخلق للدورة الاقتصادية نتيجة لغياب الدولة السورية عن هذه المناطق تم دخول عامل المافيا لعصابات الخطف وأيضا التجارة المشروعة والغير مشروعة ناهيك عن دخول المال الاستخباراتي الذي يتحرك ضمن
"حرب الدول ضد الدول الأخرى"
على الأرض السورية، بأعاده لسيناريوهات الحرب اللبنانية، حيث تتحارب العصابات والمليشيات على مال وأموال الدول الممولة والداعمة للحروب.
هذا المال المرسل للتكفيرين عموما ولتنظيم "داعش" خصوصا من أين يأتي؟ الواضح ان له عدة مصادر وكل هذه المصادر أيضا مرتبطة بحلف الناتو بشكل او بأخر؟
لدينا هنا بيع النفط وأموال التبرعات والسرقات وغسيل الأموال وكلها تجري ضمن شبكة البنوك العالمية الدولية وهذه كلها برقابة صارمة وقاطعة من حلف الناتو الذي تركيا جزء منه.
نحن نتكلم عن مبالغ مليونيه تتنقل بين مختلف البلدان لتصل الي جيوب التكفيريين داخل سوريا والعراق، وكلها تمر بدون سؤال ولا تحقيق؟!
نقطة مهمة يجب التركيز عليها ان هؤلاء التكفيرين يتحركون ضمن حالة فراغ وغياب لأي تحدي حقيقي ومواجهة فعلية من أي جيش نظامي بالمنطقة حيث تم تدمير الجيوش العربية في العراق واشغال الجيش العربي السوري وغياب فعلي لدولتين عربيتين مركزيتين عن تلك المناطق هما الدولة بسوريا والدولة بالعراق، أي أن "داعش" تتحرك بفراغ للقوة وبغياب لأي سلطة.
وطبعا تبقي النقطة ان الدولة في سوريا بتعمد وتخطيط مسبق تركت هذه المواقع البعيدة عن مركز الدولة بدمشق من باب الحفاظ على مركز الدولة من السقوط من ناحية وأيضا إمكانية استعادة نفس المناطق بأي وقت تريده الدولة السورية، مضافا اليه ان هناك صراع دموي "غبي" و"أحمق" يمارسه التكفيريين بين بعضهم البعض، فهم يصفون ويقتلون بعضهم البعض حتى قبل وصولهم لأي سلطة رسمية حقيقية، فهم يقتلون بعضهم البعض في المناطق المفرغة امنيا.
في العراق الوضع يختلف حيث كان هناك "نظام" يتحكم ب "دولة" فجاء الامريكان بغزو العراق فدمروا الدولة ولكن "النظام" لم يصيبه شيء، ولكن فقد مركزية الحكم المتمثلة بشخص الطاغية صدام، فتحول ألي شظايا موجودة تحت الأرض بعد تم فك سيطرته علي الدولة العراقية المتأسسة منذ عام 1920 والتي تم تدميرها بالعام 2003، ولكن بقي النظام كشظايا موجودة، وبالحالة العراقية تحولت
 " شظايا النظام" الي العمل تحت الأرض وهي "شظايا" تشمل عشرات الألوف من البشر كانوا منتظمين في جيش حرفي وحرس جمهوري وأجهزة امنية واستخباراتية كاملة لديها مهنية وحرفية وقدرة على التخطيط والارتباط كلهم توجهوا للعمل تحت الأرض.
ومعروف حالة حرفية القتل وعدم الالتزام بأي عاطفة او أحساس بشري طبيعي عند النظام الحاكم السابق بالعراق ونقصد انعدام الضمير والإحساس الانساني وامتهان القتل والتعذيب وتصفية البشر كحالة طبيعية يعيشونها كنظام كان يحكم العراق الجريح بهذه الوحشية التي لا تخطر على بال أي بشر ولا حتى ابليس الرجيم من وحشية قاتلة كان يعتبرها هذا النظام أمر طبيعي ومن يتحركون في نطاق خدمة هذا النظام من جيش و شرطة و حرس جمهوري وأجهزة امنية كانوا يمارسون القتل و التعذيب كأمر يومي عادي بالنسبة لهم ضمن نطاق أداء الوظيفة الرسمية!.
 أذن تم انتقال وتزاوج ما بين هذه الوحشية والاجرام الذي كان يعيشه النظام الحاكم السابق بالعراق الجريح وتنظيم القاعدة الذي جاء الي العراق، فأصبح لهذه الوحشية والقتل والنحر والاجرام منطلقات من فتاوي شرعية تربط الاجرام بفتوي دينية!
أذن أصبح أداء الوظيفة من قتل وتعذيب وتصفية بشر لأسباب سياسية سند "شرعي!" من "فتوي"!؟
أذن تقوي تنظيم القاعدة بمن تبقي من " شظايا نظام" كان يحكم الدولة في العراق، فتم صناعة دولة العراق الإسلامية التي تطورت مع الحدث السوري الي "داعش".
 أصبح لتنظيم القاعدة الذي تزاوج مع  شظايا النظام السابق بالعراق, شبكات سرية محترفة للعمل التنظيمي السري و العسكري و الأمني و مقاتلون حتي الموت أصحاب ارتباط عشائري و عائلي و اجتماعي بمناطق معينة من هنا و هناك داخل العراق و سوريا , و أيضا ساعدت حرفية أجهزة الاستخبارات العراقية السابقة علي مد اتصالات استخباراتية مع دول من هنا و هناك , و هذا ما يفسر استطاعة تنظيم داعش علي الارتباط الاستخباراتي مع الاتراك و غير الاتراك من حيث صناعة اليات تجنيد و نقل المقاتلين و الأسلحة و أيضا و لعلها النقطة الأهم خلق دورة اقتصادية خاصة بتصدير النفط و استلام الأموال و نقلها.
هنا ننطلق لشرح ما هو دور لحلف الناتو والاتراك الذين هم جزء لا يتجزأ من هذا الحلف العسكري والأمني.
الواضح إعلاميا ان هناك أكثر من معسكر تنظيمي وتدريبي للتكفيريين بتركيا ناهيك عن ترتيبات إدارية وبيروقراطية تشمل الخروج والدخول وتوزيع المسئوليات، وهذا ليس سرا فبمشاهدة أي برنامج وثائقي عن الاحداث في سوريا تظهر المعسكرات بتركيا لتدريب المقاتلين ومراكز الايواء ودخول وخروج المسلحين للإجازة او الاستراحة من بوابات الحدود الرسمية للأتراك.
مع كل ما سبق يأتي تصريح أردوغان الأخير بأن تركيا تريد المشاركة بالحرب الأخيرة ضد تنظيم "داعش" متناقضا مع حركة الاتراك بالواقع العلمي على الأرض، وعندما نربط حركة الاتراك الاستخباراتية والاقتصادية والعسكرية والتنظيمية والإدارية الداعمة والمساندة لداعش، عندما نربط هذا كله مع ما قاله الرئيس أوباما بمؤتمره الصحفي بعد اجتماع قادة حلف الناتو بشهر سبتمبر حيث أكد وشدد على الحركة العسكرية الواحدة لحلف الناتو وعلى ان هذا الامر وهذه النقطة غير قابلة للنقاش!؟
أذن الاتراك وهم جزء من حلف الناتو يتحركون حسب ما يريده الحلف وليس عكس ما يريده الحلف، اذن نحن امام حلف للناتو يتبني تنظيم اجرامي بكل الوسائل والان يعلن الحرب عليه، ونجد بنفس الوقت تسارع بريطاني فرنسي وتركي للمشاركة بالضربة العسكرية!؟
أيضا لدينا السماح الإعلامي والذي هو أيضا مرتبط بحلف الناتو حيث يتم السماح بالأليات الإعلامية للتكفيريين بالحركة والتواجد والنشر وانشاء المواقع الخبرية والضخ الإعلامي والخبري عن طريق الفضائيات والانترنت ومواقع التواصل الإعلامي وهذه كلها تحت سمع ونظر وتحكم حلف الناتو.
ناهيك على ان من يعيش بالغرب يعرف ان من هم تكفيرين يذهبون الي سوريا ويعودون معروفين للسلطات وكامل حركتهم مرصودة ومعروفة، ومن يعيش بالغرب ويضخ التكفير والكراهية بين المسلمين أعلاميا يتم السماح لهم باللجوء والعمل والحركة والانطلاق إعلاميا للمناطق العربية.
ان الغرب على وسائل الاعلام يعلن عن أعداد واضحة لهم، فكيف أنتقل هؤلاء الي سوريا ومن جندهم ومن أستقبلهم داخل تركيا ومن أمن لهم السكن والراتب والمعيشة والتدريب العسكري والذهاب والمجيء تكرارا من مواقعهم بأروبا من والي سوريا؟
وهل يعقل ان ذلك كله لم تشاهده أجهزة الاستخبارات البريطانية والفرنسية والتركية ضمن نطاق دول حلف الناتو؟!وهي نفس الدول التي تتسابق حاليا للذهاب الي حرب هؤلاء الان؟
وليلاحظ المراقبون ولينتبه الناس الي تبني قيادات حلف الناتو من رؤساء دول نفس الخطاب الطائفي التكفيري التقسيمي للمسلمين والعرب حيث ان على المواطن العربي ان يلاحظ تطابق حالة تقسيم المذاهب الفقهية الإسلامية ألي قوميات!؟ وهو امر خارج سياق الحقيقة والواقع ولا تاريخ والمنطق!؟
فليلاحظ من يريد ان يقرأ بعقله ان شخص في موقع مسؤول كالرئيس الأمريكي أوباما يستخدم تعبيرات نفس:
"الدول السنية!" و"الدول الشيعية!" وكأن التسنن او التشيع قوميات عرقية عنصرية، وليست وجهات نظر بالفقه لمتخصصين بالدين توفاهم الله قبل ألف سنة، وهي وجهات نظر وليست حتى اديان وحتى هذه المذاهب علميا غير منقسمة لأن كل من هو مسلم سني هو مسلم شيعي والعكس صحيح حسب فتوي رسمية للأزهر الشريف تنص على ان المذهب الإسلامي الاثني عشري هو المذهب الخامس من مذاهب اهل السنة والجماعة الأربعة، فحسب هذه الفتوي فكل شيعي هو سني وكل سني هو شيعي والكل مسلمين أولا وأخيرا.
وليلاحظ المواطن العربي الساعي الي الحقيقة ان حلف الناتو بأعلامه ورؤسائه لا يستخدم تقسيمات دينية لدوله فهم لا يقولون الدول الكاثوليكية او الدول الارثودوكسية بل ان استخدامات خطابات مثل هذا النوع قد تجر قائلها الي العقاب القانوني والتجريم ولكنهم يستخدمون تلك التقسيمات الي الواقع العربي ولا محاسبة لهم.
ماذا لدي حلف الناتو أيضا لدائرة الارباك المحيطة بداعش؟
عند قراءة خطاب أوباما بالمؤتمر الصحفي الخاص بحلف الناتو بتاريخ الخامس عشر من سبتمبر نجد التالي وهو ما يعبر عن سياسة حلف الناتو الرسمية:
 على الصراع المضاد مع روسيا والتشديد على أهمية "عزل" روسيا، وهذا ما يثبت ما قلناه بأكثر من موقع عن الصراع الدولي في سوريا وعن محاولة تقزيم النفوذ الروسي الي الدولة المحاصرة من حيث ضياع موقعها المطل علي البحر الأبيض المتوسط من خلال تواجدها بقاعدة طرطوس البحرية، اذن سوريا هي جزء من صراع روسي غربي كان في ليبيا واستمر في سوريا وأتضح في أوكرانيا ولا زال له فصول واحداث، ولكن بما يختص بداعش كان هناك رفض روسي تحول الي صمت!؟ فماذا قالت لها أجهزتها الاستخباراتية وماذا اتفقت مع السوريين بهذا الخصوص؟ لا نعلم ولا نعرف.

أعاد التأكيد على الحركة العسكرية الواحدة لحلف الناتو وعلى ان هذا الامر غير قابل للنقاش، وهذه النقطة ناقشناها بالأعلى وهي نقطة مهمة وفضائحية بامتياز حيث تكشف تناقض الحركة على الأرض مع ما يقوله الناتو على وسائل الاعلام، فكيف يتحرك الاتراك عسكريا وامنيا على العكس مما يقوله حلف الناتو؟ اذن حركة الأتراك بالدعم والمساندة والتأييد لداعش متفق عليها مسبقا وسلفا مع باقي أعضاء الحلف.
وأيضا تم التأكيد بهذا المؤتمر على "تدمير داعش" وهذا رسميا وبخصوص هذا النقطة "حلف الناتو" على لسان الرئيس الأمريكي أوباما بمؤتمره الصحفي قال: انهم يتحركون عسكريا ضد التكفيرين لأنهم اقتربوا من نطاق " مصالح أمريكية في المنطقة؟!"
ولم تتم تسمية تلك المصالح؟ او شرح ما هي؟
ولكن الواضح ان هناك شيء موجود في شمال العراق يخاف عليه "حلف الناتو"؟
ام ان هناك امر اخر؟ والجدير بالذكر ان الرئيس أوباما بمؤتمر صحفي أخر بتاريخ الثامن والعشرين من أغسطس صرح أنه يريد ضرب داعش عسكريا ليحمي سفارة أمريكا في بغداد!
وفي كلا المؤتمرين أكد أوباما ان "الأسد" فاقد للشرعية، وأنه "الأسد" غير مهم ما دام لا يستطيع الدخول الي مناطق "داعش"
إذا ماذا نخرج ونستنتج من كل ما سبق؟ وماذا توصلنا اليه من خلال القراءة والتحليل والتفكير بكل هذه المعلومات المتاحة لدينا؟
 ان ما توصلنا اليه ينص على انه ليس هناك نية حقيقية لأسقاط وتدمير "داعش "وباقي أخواتها من المجرمين التكفيريين ,و ليست هناك جدية حقيقية من هذا الحرب العسكرية و انها وسيلة لشفط الفوائض المالية من الخليج و خلق حالة لدورة مالية يتم فيها سحب الأموال من الخليج كما سحبوا الأموال سابقا من خلال ما سمي آنذاك "الجهاد الافغاني" حيث بني وصنع الأمريكان التنظيمات الجهادية و دربوهم بأتقان و سلحوهم من قيادتهم "أسامة بن لادن" الي اخره عنصر منهم قبل خروجهم عن السيطرة , اذن أموال الخليج ذهبت لصناعة التكفيرين و الان نفس الأموال تعود لما يسمي القضاء علي التكفيرين , لذلك نحن نتصور ان الحرب علي "داعش" هي حرب اقتصادية في احد أسبابها لذلك نجد و نشاهد التسارع البريطاني الفرنسي علي المشاركة و الدخول بهذه الحرب الغير جدية و أيضا لذلك نجد ونفهم لماذا هذا المزاد بإطالة أمد الحرب.
أذن هناك عدم جدية واضحة وهي حرب لتوظيف الإرهاب و ليس للقضاء عليه , ولعل مثال تاريخي مهم وقوي الدلالة يجب ذكره ضمن هذا السياق، حيث نجد ان أيران الشاهنشاهية بالسبعينات عندما اتفقت مع العراق أنذاك على وقف تمويل ومساندة التمرد الكردي أنذاك انهارت كامل الحركة بأقل من أسبوع ولعلها أربعة وعشرين ساعة، فليتخيل القارئ الكريم كيف ان حراك مسلح كامل بقيادته وكوادره انهارت تماما بشخطة قلم إذا صح التعبير، فحين أوقفت أيران "الشاه" آنذاك التمويل المالي والدعم الإداري والاستخباراتي والتنظيمي والعسكري للحركة الكردية المسلحة انهارت تماما بسرعة البرق اذا صح التعبير.
فهل أوقف حلف الناتو تمويلهم المالي ودعمهم الإداري والاستخباراتي والتنظيمي والعسكري للجماعات التكفيرية من داعش واخواتها الي وقت كتابة هذه السطور؟ أتصور ان الجميع يعرف الإجابة.
ولو كان الدعم توقف لانهارت الحركة المسلحة داخل سوريا، كما حدث بالسابق مع حركة الكردية بالسبعينيات وكما يعلم الجميع الحركة المسلحة بسوريا شريان حياتها ووجودها واستمراريتها وامتدادها كله وبمعظمه بيد "حلف الناتو" المتناغم أمنيا وعسكريا والذي يتحرك ككتلة واحدة كما صرحت القيادة الكبرى فيه وهي الولايات المتحدة الامريكية على لسان رئيسها أوباما كما ذكرنا وشرحنا بالأعلى.
ان هناك أيضا ضمن قراءتنا لما يريده "حلف الناتو" من محاربة داعش، فالكلام عن "داعش" ولكن أحد الأهداف بمكان اخر وهي حرب ضد "الدولة السورية" لتحويلها الي من "دولة" الي "حالة ميلشياوية ضمن ميلشيات" وهنا كما قلنا ان "حلف الناتو" لا علاقة له بأسقاط "نظام" ليقيم ديمقراطية!؟ بل انه يريد انهاء "دولة" والغاء "جيش".
لذلك نحن نتصور ان الدولة السورية قد وقعت في الفخ وتم اصطيادها لجرها لذلك المستنقع الخطير، حين أعلنت وسائل الأعلام التابعة للدولة بسوريا أنه قد تم أبلاغها بالضربة عن طريق طرف ثالث!، وهذا امر خطير وسقطة وخطأ عميق من الدولة السورية، فهي قبلت ان يتم التعامل معها خارج نطاق كونها دولة، فليست المسألة علاقة بين عائلتين او حديث مقاهي شعبية او نزاع عائلي ليتم الإعلان انه تم ابلاغنا بشكل شخصي! لأنه رسميا وحسب البروتوكول ليس هكذا تدار الدول و تتعامل مع بعضها البعض و الإبلاغ تم خارج الأطر الرسمية المفروض ان تتحرك فيها الدول, فأسلوب الإبلاغ غير انه مهين هو أيضا يتعامل مع ميلشيا و هو المطلوب و في نفس الوقت قد يكون لضمان عدم رد الدولة السورية عسكريا علي أي انتهاك لسيادتها كدولة و هذا بتصوري ما كان من المفروض ان تقوم به لأن الهدف ليس "داعش" و لو أراد "حلف الناتو" بقيادة الامريكان تصفية "داعش " لقاموا بذلك بسهولة كما قام الشاهنشاه بالقضاء علي التمرد الكردي بجرة قلم , أذن ليست تصفية داعش هو ما هو مطلوب بل تحويل الدولة السورية الي حالة ميلشياوية و هي ما وقعت به الدولة السورية للأسف الشديد, و لعل ان هذا الوقوع بالخطأ و السقوط بالفخ جاء نتيجة ان هناك داخل جهاز الاستخبارات السوري من كان يتصور ان هناك نجاح ما!؟ للخطة الاستراتيجية للدولة السورية بأعاده تعويم نفسها للعالم و تحقيق تنسيق أمني عسكري استخباراتي مع حلف الناتو يصل بها الي تصفية داعش كما تمت تصفية الحركة الكردية بالسبعينيات , و"لكن هذا الاعتقاد بالنجاح ليس صحيحا" وعلي المسئولين بالاستخبارات السورية و القيادة السياسية التي تحركت "بخطة أعادة تعويم الدولة" ان يعوا و يسلموا بأن مشروعهم الاستراتيجي قد فشل و ان حلف الناتو لن يتركهم لينهضوا من جديد و لن يسمح بأعادة تعويم الدولة بسوريا الي العالم فهو الان صراع ليس فقط يحقق به حلف الناتو جزء من استراتيجيته لمحاربة الروس كما حاربهم في ليبيا و أوكرانيا و سوريا , فهذا الصراع الان بطريقه لأحداث دوامة ضخمة من شفط الأموال و فوائض رؤوس الأموال الخليجية.
ضمن هذه المحاولة لأسقاط الدولة في سوريا وتحويلها الي حالة ميليشيا, فليلاحظ القارئ الكريم كيف تحرك الأمين العام للأمم المتحدة لخدمة هذا الهدف الساعي الي التدخل العسكري الغير قانوني بين الدول حين صرح بدون خجل ان التدخل العسكري في سوريا بما يخص داعش لا يحتاج لتفويض دولي و واضح ان الأمين العام للأمم المتحدة هنا يؤدي دور من يقدم التصريحات الإعلامية حسب الطلب, و ما صرح به خطير جدا علي المستوي القانوني وهي فضيحة تسقط الأمين العام الحالي أخلاقيا قبل ان يحاسبه التاريخ ليس مع موقفه هذا فحسب بل مع موقفه الاخر من الحرب الأخيرة علي غزة و هو موضوع اخر.
دخل "ابليس المال" مع "ابليس اسقاط الدولة السورية" الي الميدان ومعهما سقط كل ما هو قانون دولي، وأيضا اتضح "فشل" الاستراتيجية السياسية للدولة السورية والتي يقاتل لأجلها الجيش العربي السوري، ودخل مع هذا الفشل سقوط أخر لوهم التسوية الكبرى!؟ والتي روجت له الاليات الاعلامية التابعة لخط سوريا الجمهورية الإسلامية.
بخصوص سوريا نعيد القول انه حسب ما لدينا من معلومات ومعطيات فأن الاستراتيجية السياسية للدولة السورية قد فشلت ويجب أعادة أنتاج استراتيجية جديدة تتحرك بها الدولة، وقد تكون للدولة في سورية معلومات ليست موجودة عندي فيختلف تقيمها للموقف عن تقييمي الشخصي ولكن حسب وجهة نظري وبناء على المعلومات المتاحة الموجودة هذا ما وصلت اليه.
ماذا بخصوص حليف الدولة السورية الأساسي في هذا الصراع الدولي الطاحن ونقصد هنا الجمهورية الإسلامية المقامة علي ارض إيران؟
ماذا هناك بالنسبة لحركتها السياسية والعسكرية والاستخباراتية والدبلوماسية اين أخطأت؟
للأسف صنعت الجمهورية الإسلامية بألياتها الإعلامية من فضائيات وصحف ورقية والكترونية وشخصيات ردحية بالأيجار لمن يدفع، ان كل هذا المنظومة الاعلامية المرتبطة بالجمهورية قد تحركت بنفخ فقاعة للوهم عن دور إقليمي قادم وعن تسوية شاملة وعن هزيمة الغرب ومشاريعه ودخول الغرب لاستجداء! التعاون مع الجمهورية الإسلامية!؟ وناقشنا تلك النقطة بأكثر من موقع ومكان بالتفصيل ولكن ما نريد التأكيد عليه وهو ان هناك "استمرارية" للترويج لمثل هذه الأوهام.
هذه الاستمرارية هي مرضية وخطأ وعلى الجمهورية الإسلامية الاعتراف بفشل خطتها السياسية بصناعة تسوية شاملة مع الامريكان وهي نجحت فقط بصناعة فقاعة للوهم انفجرت، وكما أيضا في الجهة المقابلة علي الدولة السورية الاعتراف بأن خطتهم بأعادة تعويم أنفسهم للعالم الخارجي قد فشلت كذلك والأخطر بالوضع السوري ان الجيش كان يقاتل على الأرض لتحقيق تلك الخطة السياسية وهنا العسكر يحاربون لتحقيق مكسب سياسي وهذا صحيح ولكن الان يجب إعادة النظر بالخطة ليكون قتال الجيش له معني وهدف وغاية.
اذن ما الحل؟ وما العمل؟
هناك حركة ابتزاز دولية وتوظيف للإرهاب المصنوع من خلال حلف الناتو، فهنا خلق دوامة شفط الفوائض المالية لدول الخليج والبحث عمن يسد العجز الاقتصادي الأمريكي بأعادة لسيناريو الجهاد الافغاني، ناهيك عن احتمال تحرك الخلايا النائمة لداعش وباقي شلل التكفيريين الذين اثبتوا انهم براغماتيين للنخاع بما يخص تحقيق أهدافهم بالامتداد والسيطرة لذلك هناك من يقول عن احتمال كبير وواقعي وخطير عن تنسيق حركة الاخوان المسلمين الدولية مع خلايا داعش النائمة واخواتها للتحرك داخليا في دول الخليج؟
أذن يعود السؤال ما العمل؟ هل ندخل في دوامة الابتزاز المالي كخليجيين في ظل عدم جدية وغياب رغبة حقيقية بالقضاء على داعش واخواتها من التكفيريين؟ ماذا سنحصل ونجني من ضياع ثرواتنا لسد عجز اقتصادي امريكي واوروبي لا يهتم الا بمصالحه وهم من خلقوا لنا المشكل بالأساس، وهم من لا يريدون انهائه بشخطة قلم كما انهي الشاهنشاه الحركة الكردية بنفس الشخطة.

أتصور ان الحل للخروج من هذا المأزق يتمثل بنقطة مهمة وهي الاتي: المطلوب دور أقليمي مشترك للعرب والجمهورية الإسلامية بعيد عن حلف الناتو والامريكان، ويكون هذا الدور ركيزته الأساسية محورين مهمين هما المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية المقامة علي ارض إيران.
وهذا الدور الإقليمي يجب ان يكون مبني على نقطة مهمة وأساسية وحقيقية وهي ان لا أحد يستطيع الغاء دور المملكة العربية السعودية بالمنطقة، وهذه حقيقة تاريخية واقعية مهمة، وأي محاولات للحركة السياسية الدولية بالمنطقة تتجاهل هذه النقطة فأنها ستؤدي للفشل.

لذلك كبداية لحصول هذا الدور الإقليمي المشترك أتصور ان علي الجمهورية الإسلامية وقف حملاتها الإعلامية ضد المملكة العربية السعودية و من ثم العمل علي الدخول الي اجتماعات تحضيرية مشتركة تشمل القضايا الغير خلافية المتفق عليها من الجميع و هي بناء تعاون مشترك من خلال النواحي التعليمية , السياحية , الاقتصادية , الصحية , التعليم الجامعي , تبادل البعثات الدراسية , تحرير التجارة و النقل البحري و الجوي و البري , عمل شراكات تجارية ....الخ هذا كله يؤسس لقاعدة مشتركة متينة و صلبة و بمجرد الجلوس الي ما هو مشترك و مفيد و مثمر بعيدا عن الحملات الإعلامية التحريضية , فأن جبال من الجليد ستذوب , و حتما ستتطور الأمور الي الأفضل ,وأتصور ان باقي المسائل الخلافية يمكن حلها بالتوافق، ولكن يجب عدم البداية من موقع الخلافات وبظل تحريض اعلامي من هنا وهناك.
هذه رؤية لبداية حل إقليمي لمختلف قضايا المنطقة وخلق تفاهمات لحل بعض الملفات الإقليمية من بينها الملف السوري واللبناني واليمني وأتصور ان هناك بوادر مشجعة بهذا الخصوص ومنها لقاء الذي تم بالأمم المتحدة على مستوي وزارة الخارجية، وأتصور ان حل أقليمي يستثني حلف الناتو ويخرجه من المعادلة اتصور انه حل مطلوب ومفيد ينجي الخليج من ابتزاز مالي جديد وأيضا يفيد الجميع بعيدا عن حلف الناتو الذي ليس لديه اجندة خير للمنطقة.

الدكتور عادل رضا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق