الاثنين، 3 أغسطس 2015

"حزب الله...ربما خطأ في موقف الحاضر يصنع كارثة في المستقبل"


"حزب الله...ربما خطأ في موقف الحاضر يصنع كارثة في المستقبل"


أن الإحداث السورية المتسارعة و كثافة المعلومات الإعلامية الدعائية من جهة و قلة المعلومات الحقيقية من جهة أخري و تناقضات المواقف الدولية بازدواجية بين ما يقال و مايجري في الخفاء يجعل من الصعب و الصعوبة تفكيك ما يجري , و خاصة أن الدول المشتركة في الحرب العالمية الحالية الجارية علي الأرض السورية تعيش حركتين متناقضتين الحركة الأولي إعلامية و هي  حركة لخلق الوهم لدي من يستهلكون السياسة و أيضا لتزوير تاريخ لا يريد الأشرار إن يتم توثيق شرهم و أن يكتب التاريخ عن الشرير بأنه طيب و عن الطيب بأنه شرير!.

و الثانية هي ما يتم تداوله في الغرف المغلقة و من تحت الطاولات أذا صح التعبير, و هذا ما تم تداوله في أكثر من مرحلة علي أنه سعي لتسوية ما بين أطراف النزاع الدولي الجاري علي أرض سوريا.

أذن هي صراع "مشاريع ضد مشاريع"و المنتصر سيرسم مناطق نفوذ جديدة و حدود أخري لما يعرف بالشرق الأوسط الجديد.

هنا في ظل هذا الصراع ترك خطاب السيد حسن نصر الله الأخير الكثير من خلط الأوراق و تعقيد المسائل حيث الإعلان عن المشاركة العسكرية الفعلية لكوادر الحزب في الشأن الداخلي السوري و هو أيضا في نفس الوقت ملعب لقوي إقليمية و تصارع مشاريع هيمنة و نفوذ دولي و بالفعل حزب الله أحد أطرافه.

كاتب هذه السطور لديه وجهة نظر في مسألة تدخل حزب الله في الوضع السوري بشكل عسكري و كاتب هذه السطور قبلها أعلن من أكثر من موقع و مناسبة بشكل متكرر أنه محايد تمام الحياد في الوضع السوري و ما يجري فيه و ليس مع طرف ضد طرف أخر , و هذه قناعتي الشخصية و ما أعتبره تكليفي الشرعي الديني أذا صح التعبير.


 من هنا ننطلق لنقول:إن تدخل حزب الله في الوضع العسكري في سوريا خطأ كبير و تداعياته خطيرة علي المقاومة الإسلامية بشكل مضر و غير مفيد و يدمر المقاومة علي المدي المتوسط و البعيد, لوجود أكثر من عامل سنتناولهم بشكل سريع.

قلنا في أكثر من مناسبة أن لا واقعية لتدخل حزب الله عسكريا في الصراع السوري لأنه بكل بساطة لا يملك الإمكانيات الواقعية لذلك التدخل لأنه بالنهاية تنظيم حزبي و ليس دولة , و لا يستطيع تحمل و لا الاستمرار في صراع كهذا الصراع لأن إمكانياته محدودة و هو حزب تابع لمشروع إقليمي يتحرك بالمنطقة كما هو معروف.

ناهيك عن المشاكل الاجتماعية التنظيمية السياسية التي ستواجه الحزب و خط المقاومة بشكل عام كنتيجة للتدخل العسكري المباشر, أحد النقاط المؤثرة المعروفة أن المقاومة تتحرك في ظل أوضاع اقتصادية خانقة جدا للمجتمع اللبناني ككل ناهيك إن النظام السياسي في لبنان فاشل بامتياز و لا يمثل الناس بقدر ما يمثل مخلفات الحرب الأهلية و بقاياها التي استمرت بصناعة مأساة لبنان وخلقت منه جحيم للشرق.

فحماية المقاومة هي بتفعيل المقاومة الاقتصادية أذا صح التعبير و خلق دورة اقتصادية للناس تقويهم و تعطيهم مناعة الانهيار النفسي و الاجتماعي بما يقوي الحاضنة الاجتماعية للمقاومة ككل في عموم المجتمع اللبناني , و في نفس الوقت أصلاح النظام السياسي اللبناني لكي يصبح نظام يمثل الناس و حاجياتهم الحقيقية و ليس انعكاس لنفوذ أحزاب تعيش دور البيك القديم.

فتدخل عسكري يبعد الحزب عن خلق دائرة اقتصادية تحمي بيئته الحاضنة من جهة و من جهة أخري قد تعمل علي تدهور الحالة الاقتصادية التي هي بالأساس مدمرة و ميتة .

ومن باب التحليل و التفكير بصوت عالي أيضا نقول: لنفترض أن هناك تأمر و حركة عسكرية غادرة ستنطلق ضد المقاومة الإسلامية في لبنان من داخل الأراضي السورية و أتصور أن هذا صحيح و منطقي فلماذا هنا لا يتدخل النظام الإسلامي المقام علي ارض إيران عسكريا من خلال الحرس الثوري الإسلامي لحماية ظهر المقاومة بدلا من حزب الله ؟

 فهذه دولة في تحالف رسمي معلن و موثق مع الدولة السورية و يحق لها التدخل قانونيا لأن بالأساس هناك أتفاق حلف استراتيجي قديم بين الدولتين و في كل الأحوال لدي النظام الإسلامي جيش محترف و حرس ثوري عقائدي و استخبارات تتحرك بحرفية بمعني أخر هي دولة تستطيع التدخل و لديها غطاء قانوني .

 فلماذا يتدخل حزب الله و هو بلا غطاء قانوني و ليست له إمكانيات الدولة في نفس الوقت.

من هنا أتصور أن من واجب النظام الإسلامي المقام علي أرض إيران إن يحمي ظهر المقاومة الإسلامية بمعزل عن تدخل حزب الله في الصراع العسكري.


تبقي نقطة استخدام ورقة مقام السيدة زينب عليها السلام في تبرير التدخل العسكري و هذه الورقة دعائية بحتة و لا علاقة لها بحقيقة ما يجري من صراع مشاريع إستراتيجية متداخلة علي الأرض السورية.

و أيضا هنا نقول نفس ما ذكرناه بالاعلي فليتدخل النظام الإسلامي المقام علي ارض إيران بحماية المقام بدلا من الحزب لنفس الأسباب التي ذكرناها بالاعلي.

أن التدخل العسكري يعني أن هناك ضريبة دم و هذه الضريبة غالية جدا و مقدسة و أيضا تداعيات الأمر علي مجمل تماسك تنظيم الحزب من خلال المشاكل الاجتماعية التي قد تترتب .

بالنهاية علينا أن نقر ونعترف أن هناك من لديه وجهة نظر أخري تقول: أن في لبنان ليس هناك دولة حقيقية و حزب الله يدافع عن وجوده لأنه بسقوط الدولة في سوريا سيتم إسقاط وجود حزب الله في لبنان كتتمة لمشاريع التدخل الاستكباري بالمنطقة التي تمنع تحرك أي أحد خارج نطاق السيطرة و خارج خط خدمة بقاء الكيان الصهيوني علي الخريطة , و لأن حزب الله بقيادته مجموع الأحزاب اللبنانية و الفعاليات و الشخصيات في خط مضاد و مناقض للاستكبار وهو خط أذل الكيان الصهيوني و هزمه بأكثر من موقع و مناسبة بصورة مذلة أعادت الكرامة العربية فهو  لذلك مستهدف  لتدميره و قتل خطه النهضوي المقاوم و بناءا و تأسيسا علي ذلك أصبح واجبا عليه حماية نفسه من التدمير و التأمر القادم و هذه وجهة نظر بالتأكيد مهمة وتستحق التفكير فيها.

علي العموم تبقي هذه وجهة نظر قد تصيب و قد تخطيء  و قد تكون هناك أشياء خافية عن كاتب هذه السطور تنسف ما قلناه بالاعلي و لكن بكل الأحوال المهم أننا نتحرك بخط التكليف الشرعي بما يرضي رب العالمين.

الدكتور عادل رضا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق