الاثنين، 3 أغسطس 2015

“الربيع السوري....الي أين؟

الربيع السوري....الي أين؟


لاشك أن الدولة بسوريا تحولت من لاعب بالمنطقة إلي ملعب للقوي الدولية و هذا بما شك تراجع عما حققه الراحل حافظ الأسد من انجازات علي مستوي السياسة الخارجية لسوريا , و لعل ما يثير انتباه المراقين العرب وجود عدد من الدول التي لا تزال تلعب دور المساند لبقاء الدولة في سوريا و هذه الدول تتحرك بقوة للحفاظ علي الوضع القائم و لكل من هذه الدول أسبابها الخاصة و لعل المراقب العربي لا يتحرك بما وراء اللعبة الدولية من أمور لذلك تظل العديد من الأمور خافية عليه , عند قراءتنا لمواقف دول معينة مثل الصين , نجد أن موقفها هو امتداد للصراع الحاصل بينها و بين الاستكبار العالمي في أفريقيا علي الموارد الطبيعية فنستطيع أن نقول ن هناك معركة كسر عظم بين الجهتين ناهيك عن الصراع الدائر علي الغاز الموجود بكميات مهولة و كبيرة جدا علي شواطي الشام و لبنان و فلسطين المحتلة و الذي يحدد بدوره شكل الصراع و آليات اتخاذ القرار في الصراع الجاري حاليا بسوريا خصوصا فمن يمتلك الطاقة هو من سيصبح سيد العالم القادم , و هذا أحد العوامل التي أيضا تحدد الموقف الروسي الذي يرتبط بحلف استراتيجي قوي و متين مع الدولة السورية منذ السبعينات تعزز مع عودة الدولة الروسية بقيادة بوتين إلي الواجهة و مساهمة الروس بإعادة بناء الجيش العربي السوري من جديد بعام 2005 و الموقف الحليف كذلك يرتبط بمصالح روسيا بالبحر الأبيض المتوسط فهي ليس لديها موقع بحري تستطيع فرض هيمنتها الإقليمية علي هذا البحر إلا من خلال ميناء طرطوس و الروس يخافون من تراجع نفوذهم الإقليمي بفقدانهم طرطوس كقاعدة و الخوف يزداد أكثر و أكثر مع الضغط الأمريكي علي الهند و التي أيضا تعطي الروس صلاحيات استخدام قاعدة بحرية للروس علي المحيط الهندي.

إذن الروس يخافون من الخنق الأمريكي الذي يتم التحضير له علي المدي البعيد و هذا كله مخلوط أذا صح التعبير مع مراقبة الروس للدفع الأمريكي الغريب للجماعات المسلحة في سوريا و محاولة الأمريكان فرض نوع من الإسلام الأمريكي علي المنطقة و الذي يتحرك طائفيا أكثر مما يتحرك إسلاميا و يتحرك بالكراهية أكثر مما يتحرك قرآنيا و هذا النوع من الإسلام أذا حصل علي قاعدة انطلاق قريبة من الحدود الروسية سيشكل مصدر قلق و اضطراب استراتيجي لروسيا لما يشكله المسلمون هناك من نسبة كبيرة و أيضا جمهوريات أسيا الوسطي.

و إما موقف النظام الإسلامي المقام علي أرض إيران فهو محصلة تقاطع مشروعين استراتيجيين بالمنطقة و تلاقي مصالح مشتركة بين نظامين فسوريا تتحرك بمشروع الجبهة المشرقية و التوازن الاستراتيجي مع الصهاينة لفرض تسوية تعيد لهم الجولان المحتل و تفرض نوع من الحقوق للشعب الفلسطيني كتكتيك مرحلي واقعي لموازين القوي الحالية .

و الجمهورية الإسلامية تتحرك بمشروعها لفرض نوع من النفوذ الإمبراطوري الإقليمي الذي يفرض نقاط نفوذه من باكستان إلي فلسطين المحتلة بالتعاون مع الأتراك و الأردنيين فالإيرانيون يريدون فرض جبهة نفوذ إقليمي علي قوي الاستكبار العالمي تحمي نظامهم الداخلي من السقوط و الانهيار و هذا هو مشروعهم.

لذلك لكل جهة أهدافها و خططها و مشاريعها و هذه كلها تتداخل لتشكل وضع متشابك متداخل معقد بالمشهد السوري العام و الذي يتغذي علي دماء الأبرياء وسط مصالح دول و إمبراطوريات


حزب الله اللبناني أتصور أن قوته بالواقع اللبناني و تأثيره الدولي مرتبط من خلال علاقاته الإستراتيجية مع النظام الإسلامي المقام علي أرض إيران و لا أتصور آن الدولة بسوريا بحاجة إلي عشرات المقاتلين من الحزب و هي من تملك جيش كبير جدا مسلح بأكثر من أربعمائة إلف جندي ناهيك عن الحرس الجمهوري و مساندة الطبقات الاجتماعية التي تشكل قاعدة للنظام القائم حاليا في سوريا , و ما يقال عن تدخل حزب الله في سوريا بتصوري أنه يتحرك بخط الدعاية الإعلامية و والبروباغندا لا غير.

و لعل الدعم أعلامي و نفسي و تعاون استخباراتي أكثر مما هو تدخل مباشر لأن ليس لحزب الله القدرة الواقعية لذلك.

أن حزب الله باعتقادي ينتظر نتائج ماذا سيحصل بسوريا أكثر من أنه سيتدخل بالصراع مباشرة لأنه يريد أن ينجح المشروع الاستراتيجي للنظام الإسلامي المقام علي أرض أيران ليكي يتم فرض معادلات دولية تجبر أعدائه الحاليين من جماعة 14 أيار علي التحالف معه قصرا و هذا هو واقع اللعبة الداخلية اللبنانية و التي تتأثر بالخارج و لا تؤثر عليه.


الي ماذا سينتهي الصراع بسوريا؟

لا أتصور أن لدي أي أحد إجابة سحرية علي هذا السؤال فالسيناريوهات كلها مطروحة و المشكلة ان ليس هناك مصادر محايدة في معركة كسر عظم حقيقي تجري ألان بسوريا و نتائجها ستشكل خاطرة جديدة لعالمنا العربي ومناطق نفوذ جديدة و لكن أتصور أن الأمريكان سعداء باستنزاف موارد المنطقة و أنهاك أخر جيش عربي يستطيع القتال الواقعي علي الأرض و أيضا تدمير قلعة ضخمة للصمود العربي ضد المشروع الصهيوني الذي يريد الحياة و فرض نفسه علي المنطقة.

أن الاستكبار و مصالح الدول لا تعرف العاطفة و دماء الأبرياء لا تمثل لها شيئا إلا لاستخدامها بالدعاية التحريضية لكسب الرأي العام و لكسب معركة التاريخ الذي سيوثق ما يجري حاليا بالمستقبل و الاستكبار الدولي منافق لأقصي درجة فهو شيطان أكبر يريد للتاريخ أن يكتب عن ملائكيته!

أن الدولة بسوريا و حلفائها يريدون فرض واقع تفاوض و الاستكبار يريد فرض حالة من الانهيار الدراماتيكية علي الدولة السورية و بين هاتين الجهتين الضاغطتين يموت السوريون و لا عزاء لهم الا عندما يراد أن يتم المتاجرة بدمائهم بالإعلام أو استغلالهم جنسيا بالمخيمات من السياح الثوريين!.!



الدكتور عادل رضا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق