الاثنين، 3 أغسطس 2015

"قراءة بسيناريوهات المنطقة ضمن واقع أسلامي مرتبك"

"قراءة بسيناريوهات المنطقة ضمن واقع أسلامي مرتبك"

باتت الحركة الإسلامية في هذه المرحلة من الزمن أمام تحدي الواقع الذي يفرض شروطه علي النظرية الإسلامية و علي أي حركة تنظيرية كانت تعيش الفكرة, و لعل ما يجري حاليا من تغييرات جذرية في العالم العربي قد وضع من يتحرك إسلاميا أمام محك التجربة و إمام امتحان أثبات صحة نظرياته.


في ظل ظروف الصراع و المعركة علي أرض الواقع تكون الأمور حساسة و مضطربة , و هذا شي طبيعي لحالة التحفز و الانتظار و ما قد يحدث من مفاجآت قد يتم معها تغيير السيناريوهات إلي سيناريوهات أخري , أو أن تخرج أمور عن نطاق السيطرة , وكل هذا أمر طبيعي .

أن نقد الحركة الإسلامية في أي مكان بالعالم هو شي مطلوب و حيوي من باب مبدأ التدافع القرآني الذي يصنع التكامل للحركة في طريق النجاح و الوصول إلي النهضة الفردية و الرقي الحضاري المجتمعي و لكن النقد في باب أصلاح الحركة و ليس إسقاطها, و هناك من يتحرك في النقد من باب الرغبة في الإسقاط و هؤلاء يتحركون بالتأمر و الارتباط بأجهزة أستخباراتية أو جهات لديها أجندة مختلفة تتنوع بتنوع الأهداف و الخطط الإستراتيجية التي تضعها مراكز الأبحاث للقوي الاستكبارية و تطلب من الإتباع التطبيق علي أرض الواقع و هذا هو دور العملاء الذين يتحركون علي الساحة.

أن علي المتواجدين بموقع القيادة بالحركات الإسلامية الاقتناع بأن النقد ليس مظهر عداوة بل هو حالة طبيعية مطلوبة و بفقدانها سيتجمد العقل عن التفكير و ستتهرأ إي حركة و سيتم أضعاف أي موقع للقوة.

نحن أمام حركة أسلامية في المنطقة العربية في طريقها للسلطة و بعضها قد وصل و لدينا حالة تاريخية مستمرة إلي ألان كدولة و كنظام تمت اقامته علي أرض إيران و تأسس أيديولوجيا علي فكرة أن الإسلام هو فكر للحياة وطريق لنهضة المجتمع.

أذن سننطلق من هذه التجربة الإسلامية الفريدة التي تمت أقامتها علي أرض إيران.

لا شك أن النظام الإسلامي الذي تمت أقامته علي أرض إيران قد مر بمراحل مفصلية علي مر تاريخه كتجربة بشرية علي أرض الواقع , و حسب رؤية كاتب هذه السطور مر النظام الإسلامي بثلاثة مراحل مفصلية:

المرحلة الأولية هي ما قبل التأسيس حيث نقاوة الحركة الإسلامية من حيث الفكر و الإخلاص و الحرارة الثورية إذا صح التعبير ومن حيث الانطلاق بمحاولات التأسيس في العراق و إيران و لبنان , حيث تميزت المجاميع التي انطلقت في هذه البلدان بتعدد الأساليب و وحدة الهدف النهائي بإقامة نموذج لدولة أسلامية.

أن ما قبل التأسيس الذي أنتهي بإقامة النظام الإسلامي علي أرض إيران أوصلنا إلي المرحلة الثانية:

 حيث تحركت مؤسسات النظام هناك علي أكثر من طريقة للعمل لمواجهة تحديات التدمير القادمة من الخارج , حيث واجه الإسلاميون حرب عبثية و غزو صدامي بكارت أخضر أمريكي تم فيها تصفية الكوادر الحركية الإسلامية المخلصة و أيضا حرب داخلية أستخباراتية تم فيها تصفية النخب القيادية الإسلامية , ضمن ما حدث نجح من تبقي من كوادر الحركة الإسلامية من البقاء علي الساحة كنظام سياسي و لكن تم القضاء علي الثورة الإسلامية و لكن تم تأسيس دولة مؤسساتية معقدة التشكيل و التنظيم فارغة من الكثير من الكوادر الإسلامية المخلصة و بغياب جوهري لقيادات الصفوف الأولي التي كانت موجودة في مرحلة ما قبل التأسيس , وكل هذا البينان الدستوري المعقد التشكيل هو واجهة لشبكة أستخباراتية أمنية متشابكة تعمل بالخفاء و هي نفس الشبكة التي تمت صناعتها في مرحلة ما قبل التأسيس و هي التنظيم السري الذي قام بصناعته الإسلاميون علي مدي سنين طويلة ليكون العمود الفقري للنظام الإسلامي.

أذن هناك مؤسساتية تتحرك بالواجهة و تنظيم سري يمثل قاعدة النظام الأساسية , وهذا ما يوصلنا إلي المرحلة الثالثة:

 حدث هناك تناقض بين المؤسسة و الشخصيات الموجودة فيها من حيث غياب نقاوة الفكر الإسلامي و أيضا غياب القيادات المهمة التي كانت موجودة في المرحلة الأولي , ويدخل علي هذا التناقض ثنائية تتحرك كوحدة واحدة قد تطغي أحدي هذه الثنائيات علي الاخري؟!

أن هذه الثنائية التي تتداخل مع تناقض المؤسسة و الشخصيات التي تم ترفيعها لغياب و تغييب المؤسسين من علي الساحة .

أن هذه الثنائية هي ثنائية (الإسلام\القومية) داخل النظام الإسلامي المقام علي أرض إيران , حيث قد يقوي الجانب القومي علي حساب الجانب الإسلامي و العكس قد يحدث و لكن الثنائية تتحرك ضمن الواقع المعاش منذ تأسيس النظام الإسلامي إلي ألان و من يحدد أي جانب من ثنائية (الإسلام \القومية) يكون أقوي من الأخر هو ما تنتجه المؤسسات الدستورية الموجودة علي الواجهة ومجمل أجهزة التفكير التي تصنع القرار داخل النظام الإسلامي المقام علي أرض إيران, فمن يكون أقوي يحدده ما تنتجه انتخابات النظام , ناهيك عن الجو العام للشعب الذي يعيش علي أرض إيران, فالحماس لأي جانب من الثنائية شعبيا يختلف باختلاف الزمن و الظروف , ناهيك علي التنظيم الأمني الاستخباراتي الذي يشكل القاعدة الخفية لحماية النظام من أي سقوط أو هزة أو محاولات انقلاب.

أن منتوج هذه المراحل الثلاثة هو تحرك النظام الإسلامي براغماتيا و بما يخدم مصالح الثنائية (الإسلامية\ القومية) ضمن مشروع الجمهورية الإسلامية التي تحمله للمنطقة, أن هذا المشروع الذي يحمله الإسلاميون في إيران أتصور أنه وصل إلي قناعة واقعية تنص علي أنشاء ما يشبه نفوذ إمبراطوري إقليمي يتم فيه فرض نفوذ النظام الإسلامي المقام علي أرض إيران ضمن تحالفات إستراتيجية تشمل محيط واسع يشمل تركيا و العراق و لبنان و الأردن و بالطبع سوريا الحليف القومي العربي الأبرز للأسلاميون الموجودين في إيران.

هذا المشروع هو ما يتحرك علي خط التطبيق بصبر كبير و طول بال إذا صح التعبير لفرض حالة من الأمر الواقع علي الإمبراطورية الدولية الأكبر و هي الولايات المتحدة الأمريكية.

وهنا ننطلق للحديث عن حزب الله و ما يمثله من حمل لواء المقاومة الإسلامية التي التزم بها كمشروع يتحرك به بالواقع اللبناني , و لا شك أن هذا الحزب يعتبر أحد مكونات الحركة الإسلامية العالمية و هو مكون أساسي من مكونات الطبقة السياسية اللبنانية و له من السلبيات و الايجابيات كأي حالة بشرية أخري و كأي حزب , و لكن هو يتشرف بحمل لواء أكمال الانتصار الأول الحقيقي علي عدو الأمة العربية و الإسلامية الكيان الصهيوني .

  لقد هُزم الكيان الصهيوني و فر من لبنان و أنكسر , هذه حقيقة صنعتها تضحيات الشهداء و المجاهدين و هي تتمة لحراك نضالي و جهادي طويل منذ السبعينات و شاركت فيه مختلف القوي الاخري من شيوعيين و قوميين بأنواعهم وحتى أشخاص غير مؤدلجين فقضية تحرير التراب الوطني أتصور أنها قضية شعب و وطن و أمة.

ضمن هذا الانتصار حدث هناك انقلاب للمعادلة الدولية و الإقليمية صنعتها المقاومة بشكل أربك مراكز الأبحاث التي تم و ضعها في زاوية التحدي لتدمير الحالة الانقلابية الجديدة مع كل تأثيراتها التي أحدثتها في العالم الشرقي و العقل العربي بالخصوص الذي أستسلم لواقع هزيمة و إذا به يجد واقع انتصار.



ان المقاومة الإسلامية تحارب معركة العالم  كله في لبنان وتمثل حجر العثرة لكل مشاريع المراد تنفيذها في المنطقة لذلك الضغط عليها لإسقاطها أو أضعافها كبير و أيضا مسئوليتها أمام واقعها الداخلي الخاص بها أكبر.

أن أحد النقاط الايجابية للمقاومة الإسلامية هو في حراكها الداخلي الذي أنطلق مؤسسيا نحو عدم استغلال النصر حزبيا فصانع التحرير في التاريخ هو من ينفرد بالسلطة كاملة و لكن هذه الحالة التاريخية لم تطلبها المقاومة الإسلامية و لكنهم تحركوا ضمن أطار تعقيدات الواقع اللبناني مما أدي إلي خلق حالة من الراحة في تعقيدات الوضع اللبناني الداخلي و مما قوي موقع المقاومة من خلال التحرك المشترك مع مجموع من الأحزاب و القوي و الحلفاء.


إذن ما هي المخاوف التي يطرحها المخلصون علي المقاومة الإسلامية و مجمل حراكها علي الساحة الخارجية والداخلية؟


إن الإسلام ثلاثية من شعار وفكر وحركة وتلك الأخيرة تمثل ما يحسه الناس من واقع يلمسونه ويتلمسونه ويشعرون به في حياتهم اليومية.


فعندما نسأل أين هي الحركة الإسلامية في لبنان علينا إن نجد النموذج الواقعي الملموس والمحسوس والمعاش .


أين الإسلام في تصرفات الفرد الذي يعيش ضمن جمهور المقاومة. ؟


أين هو الإسلام في تعامل من يفترض ان يحتل موقع القيادة مع قواعده؟


أين هي النماذج الاقتصادية الخالقة لدورة إنتاجية تكفل حركة الحركي الإسلامي بواقع اقتصادي يؤمن له وظيفة ومسكن وعيش كريم ؟


أين هو الحراك الثقافي وعملية التدافع القرآنية والتحريك العقلي لما هو سؤال ومسائلة وتفكير حر ونقد بناء علي جميع المستويات؟


أين هو الرفض المطلوب لعقليات جاهلية تتحرك بذهنية البيك والعبيد حيث يموت العبد بخدمة البيك !؟


أين هو الخروج من أخطاء الآخرين من نماذج قومية فشلت في مشاريعها النهضوية؟

من هذه الأسئلة و غيرها فلنتحرك بالتفكير بصوت عالي و نقول:



أتصور أن الحركة الإسلامية في لبنان أخذت تتحرك بالسلبيات التي أدت إلي تدمير حركة المقاومة الفلسطينية ومجمل النموذج القومي العربي بالخصوص ولدينا بمثال مشروع القومي في عهد جمال عبد الناصر حيث تكلست القيادات بمواقعها و خلقت مشروع فساد خاص بها.

وما حدث في الواقع السوري مثال أخر , حيث أنعدم التدوير و تم خلق شبكة مصالح اجتماعية اقتصادية صنعت واقع تجاري مصلحي لقيادات الأجهزة الأمنية أصبح به الموقع الأمني خادم للشخص و لعائلته مما أدي إلي الشعب السوري بالثورة و محاولة إسقاط كل الدولة السورية التي صنعت له المأساة , وسط واقع متشابك دخلت عليه الخطوط الدولية.

وما حدث في الواقع الفلسطيني في لبنان حيث حدثت غربة القيادات عن الواقع الاجتماعي الذي انطلقت منه هو أمر يعرفه الفلسطينيون و اللبنانيون, حيث عاشت القيادات أرستقراطيا في الإحياء الغنية و استمرت القواعد الشعبية بمواقع البؤس و الحرمان.

لذلك أتصور علي المقاومة الإسلامية تفعيل مبادئ مهمة لعدم أعادة تكرار أخطاء المشاريع القومية التي حدثت بالمنطقة و حيث فرض تدوير القيادات...كل القيادات علي كل المستويات و أيضا المنع الكلي لممارسة التجارة و النشاط الاقتصادي للشخصيات الموجودة في القيادة هم و عائلاتهم القريبة



:
للأمن الاجتماعي للناس هو من أهم الأمور الواجب التحرك بها و التزام بتحقيقها  يبقي أنشاء حالة

أن الواجب هو صناعة "مقاومة اقتصادية" أذا صح التعبير لمحاربة مشروع تجويع اللبنانيين الجاري منذ التسعينات الذي اضر بكل الشرائح وليس فقط جمهور المقاومة.


تفريغ لبنان من سكانه منتوج حالة التجويع المتعمدة التي بدأت أول ما بدأت بربط لبنان كدولة بدين ملياري لم ينتج له شيئا علي أرض الواقع ألا أعادة صناعة الجوع للجائعين و الغني للأغنياء.

إن تجويع الطبقات الشعبية أمر مطلوب دوليا كعقاب علي نصرتهم للمقاومة وهناك من يريد خلق معادلة في اللاوعي اللبناني والعربي وهي إن تكون مقاوما هي إن تكون فقيرا جائعا ذليلا مهانا والعملاء هم الأغنياء المرفهين ممن يعيشون لذات الدنيا إلي أقصي مدي

ان الأمن الاجتماعي والاقتصادي وخلق نموذج معيشي مقبول بين جمهور المقاومة هو أمر مفقود و ممحي عند الأحزاب التي تتبني خط المقاومة لذلك علي من يحب لبنان واللبنانيين ويحترم دماء الشهداء إن يتحرك بالمطالبة بتحقيق انتصار علي مستوي الأمن الاجتماعي والمعيشي للناس.

أن الاستمرار في خط التجويع المتعمد علي لبنان والذي ابتدأ من خلال فرض حالة مديونية ضخمة تفرض التزامات دولية علي الدولة اللبنانية من ناحية وتخلق حالة معيشية صعبة يتم الانطلاق منها لخلق نوع من الغضب الشعبي علي المقاومة وأيضا فرض رسائل في اللاوعي تقول إن إي حركة مقاومة ترتبط بالجوع والحرمان علي العكس من إي حالة عمالة وخدمة التي ستحصل علي المستوي المعيشي الراقي والبحبوحة في العيشة والسعادة.

أن علي من يتحرك بخط المقاومة ان يصنع نموذجا أقتصاديا و نموذجا معيشيا يكسر هذه المعادلة الاخيرة المراد تثبيتها في اللاوعي الموجودة لدي الشخصية اللبنانية بالخصوص و العربية بالعموم. .


لذلك نقول إن المقاومة الاقتصادية إذا صح التعبير عليها ان تتحرك في خط التطبيق والممارسة كما تحركت المقاومة العسكرية الاستخباراتية بخط التطبيق لأن بسقوط الاقتصادي يتم خلق حالة من الكفر الذي لا يفكر كما تم صنعها في الواقع الإيراني والسوري .

أن أحد  المخاوف علي المقاومة الإسلامية هو حزب الله يسعي لفرض التعامل معه والتحرك علي خطه السياسي بواسطة فرض واقع دولي يُلزم من هم ضده بالقبول بالأمر الواقع الدولي و هذا كله يرتبط بنجاح المشروع التي يتبناه  النظام الإسلامي المقام علي ارض إيران بفرض منطقة نفوذ إقليمية خاضعة له.

من باب أن لبنان يقع علي خط تقاطع مصالح إقليمية ودولية تصنع الواقع الداخلي الخاص به


وهذا تحرك يعيش الوهم السياسي أكثر مما هو حقيقة وهذا خطأ استراتيجي تعيشه وعاصرته المقاومة الإسلامية منذ ما يسمي التحالف الرباعي حيث تحالفت المقاومة مع رموز وبيكوات وأحزاب لبنانية تاريخيا تعاملت مع الصهاينة وتتحرك بخدمة أعداء لبنان واللبنانيين كل اللبنانيين.

أن هذا الخط الذي مشت به المقاومة الإسلامية و حلفائها بالواقع اللبناني أدي بها إلي تقديم تنازلات غير مستحقة لأطراف تتحرك ضمن واقع دولي يريد إسقاط المقاومة و مشروعها.


كاتب هذه السطور لديه قناعة تقول:

إن الابتعاد عن الخط الأيديولوجي والالتزام براغماتية مصلحيه خالصة يضر بالحركة الإسلامية في لبنان لأنها بذلك تسجل علي نفسها نقاط تاريخية تستخدم لاحقا بالخطاب الدعائي المضاد الساعي لإسقاط كل الحركة أو علي الأقل إضعافها .


أن المنطقة العربية قادمة علي مشروع فوضي خلاقة يتم فيها تفجير الصراعات المذهبية و الصراعات الإسلامية المسيحية و تفجير كل ما هو هويات و كل ما يصنع دوائر صغيرة تتقاتل مع بعضها البعض بعبث يبعد كل جهود المنطقة عن النهضة الحضارية المطلوبة و يخلق كيانات صغيرة ضعيفة أمام الكيان الصهيوني يتم من كل هذا ضمان استنزاف ثروات المنطقة و من أهمها النفط إلي أن ينتهي في ظل أجواء صراع مدمر للجميع.

أنها لعبة الأمم و سيناريوهات المنطقة في واقع إسلامي يريد أعادة النهضة فماذا سيحدث؟

انه الزمن الذي سيحمل لنا الإجابة؟


الدكتور عادل رضا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق